دَفْعُ وَهْمٍ وَسُوءِ فَهْمٍ
بعد نشر رسالة "الاتباع" أرسل إلي أحدهم ينتقدني فيماذكرتُ، وماإليه دعوتُ ظنا منه أني أضلل من
انتسب إلى السّلفية-عياذا بالله - مذكرا إيّاي بما أعرفه كما يعرفه من انتساب
جِلَّةٍ من العلماء خاصة في هذا الزمن إلى السّلفية بل ودعوتهم الناس إلى التمسك
بها والانتساب إليها
فذكرني كلامه هذا بقصة جرت لي قبل عشر سنوات عندما حضرت وليمة لأحد الإخوة
فاستأذنت صاحب الوليمة لإلقاء كلمة رأيتها مفيدة للحاضرين وكانت تتعلق بالخِطبة
الشرعية وبعد أن انتهيت من كلامي سألني أحد الحاضرين قائلا: هل ترى من الأفضل
للشاب السّلفي إن أراد الزَّواج أن يتزوج بأخت سلفية؟ أم لابأس بأن يتزوج بعامية
إذكانت مؤدبة حييّة؟ وكنَّا في ذالك المجلس خليطا فينا السَّلفي والعامِّي ومابين
ذالك فقلت له: هذا التقسيم الذي ذكرته؛ سلفيٌّ وعاميٌّ ليس هذا مكانه ولا زمانه
وما لهذا المكان ولا لهذا الزمان أطلقه من أطلقه ونصح به من نصح به وما أكثَرُ السّلفين إلا عامة كالعامة
وأناوإياك منهم ثم إن كان المقصود الأدبُ والأخلاقُ فأنت تجد فيمن تسميهم عامة من
هو أحسن أخلاقا من بعض من تسمِّيهم بالسَّلفيين فنظر إليّ وقد احمرت عيناه وانتفخت
أوداجه قائلا: اتق الله أنت تسبُّ السلف الصالح رضي الله عنهم
فانظر منصفا رحمك الله إلى مقدارالجهل بدين الله جل وعلا لأن السلفية الحقة
هي دين الله جل وعلا
أعود إلى رسالة "الاتباع" لأقول لإخواني أهل السنة من
السلفيين أن سبب كتابة الرسالة هو أن كثيرا من أهل السنة من السلفين صاروا يعادون
الناس ويوالونهم على لفظ السلفية فمنِ انتسب عندهم للسّلفية ولا أقول السَّلف وكان
معهم على ما يعتقدون أنه الحق فهو عندهم سلفي ومن لم ينتسب للسلفية وانتسب للسنة
أو الحديث أو غيرها وخالفهم في بعض مايعتقدون أنه الحق وإن كان مايعتقدون باطلا في
نفس الأمر فهذا عندهم ليس سلفيا ؛وقد جاءني أحدهم يوما بعد صلاة العشاء فأخذ
يلقِّنُنِي السّلفية كما يُلقن الميّت الشهادة فكان مما قاله لي:أنه يجب على
المسلم أن يقول أنا سلفي والعظيم أنه نسب هذا الكلام لشيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه
الله تعالى- فكذبته فيما نسبه لشيخ الاسلام -رحمه الله-
وغضبت مما قال غضبا شديدا لعلمي بلازم قوله فقلت له:أترى قولك أنا سلفي
عبادة تتقرب بها إلى الله جلّ وعلا كلما قلت أنا سلفي أجرت؟ قال:نعم فعلمت من قوله
أنه في الدَّرَك الأسفل من الجهل مع كِبْرٍ عظيم فأخذت ألقِّنُه كما لقنني قائلا
له أليست العبادة مقترنة بالأمر والأجر فلا عبادة إلا بأمر ولا عبادة إلا بأجر
فسكت فقلت له:قل نعم وإلا صفعتك بسوط الوحي قال صلى الله عليه وسلم:"من عمل
عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" فأين أمر الله على ما قلت؟أين أمر نبيه صلى الله
عليه وسلم؟أتحداك أن تأتيَ بآية أوحديث فيه الأمر بذالك بل أتحداك أن تأتيّني بأثر
عن صحابي أو تابعي قال فيه أنا سلفيٌّ فإن لم تجد ولن تجد فاتق الله وافهم عن
العلماء كلامهم ومرادهم فإن أبيت فلا أراك إلا من أهل الدَّبُّوسِ فانظر من يعالجك
به.
وأذكر يوما أني حضرت نقاشا بين
سلفيَّيْن قال أحدهما للآخر وكان السائل عى مانحن عليه:هل والدك أخ يقصد سلفي؟فقال
له:لا وكان أبوه شيخا كبيرا لايعرف شيئا من الحزبية أوغيرها مما
يخرج المسلم من السنة إلى البدعة وما أخرج صاحبنا أباه من السلفية إلا لأنه
كان يحلق لحيته ولايقصر ثوبه- نعوذ بالله من يوم يعبد فيه الاسم ويكفر فيه بالمُسَمَّى.
إخواننا السّلفية دعوة حق دعوة إلى فهم الكتاب والسُّنَّة كما فهما السّلف
الصالح وهي بهذا المعنى دين
الله الذي أمر به عباده قال جل وعلا: ﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ
بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ
فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾وقال﴿ وَمَنْ
يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ
سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾
فالمعنى هوالدِّينُ
لا اللَّفظُ،والصَّحابة والتَّابعون ومن بعدهم من أهل العلم إلى يوم النّاس هذا عبَّرُوا
عن هذا المعنى الذي هو دين الله بالسُنِّيَّة وفي بعض البلاد كمصر والهند وباكستان
والسودان عبروا عنه بأنصار الحديث وكلهم أهل حق وأهل سنة فاتقوا الله عبادالله ولا
تكونوا منفِّرين.
وما قلت ما قلت من
كيس أبي ولا من كيس أمي وإنما هو لفظ كلام أهل العلم أو معناه.
واسمع أيها السَّلفي السُّنِّي إلى كلام اللجنة الدائمة للإفتاء على رأسها
الإمام العلامة ابن باز رحمه تعالى وهي
تجيب على سؤال يشبه ماكنا نقول ونذكر
س: سماحة الشيخ يدور عندنا في السودان وبين الجماعة السلفية نفسها جدل ولغط
حول بعض النقاط، فالرجاء من سماحتكم توضيحها لنا زادنا الله وإياكم علما وفقها في
دينه.
جماعة أنصار السنة المحمدية جماعة معروفة لديكم، خرج بعض الإخوة عن خط
الجماعة وصاروا يهاجمونها ويصفونها بأنها (جماعة من بني جلدتكم يتكلمون بألسنتكم
من أجابهم قذفوه في النار) هكذا وصف هؤلاء الإخوة هدانا الله وإياهم طريقه
المستقيم هذه الجماعة بهذه الصفة، اعتمادا على حديث حذيفة بن اليمان (حديث الفتنة)
. وأسباب ابتعادهم تتلخص في الآتي:
تسمية الجماعة السلفية في السودان بأنصار السنة المحمدية يعتبرونه بدعة.
جماعة أنصار السنة حزب كغيرها من الأحزاب والجماعات الضالة.
سماحة الشيخ هذا الموضوع أحدث انشقاقا في صفوف الدعوة السلفية قد عاق ويعوق
مسيرة الدعوة إلى التوحيد في بلد
عامة مواطنيه جعلوا الصوفية منهجا لهم، بل جعلت من ينتمي إلى هذه الجماعة
من الشباب يقف موقف المحتار لا يدري مع من الحق، بل صار التساؤل إذا لم تستطع
الدعوة السلفية في السودان تجميع أفرادها القليلين وانشقت على نفسها، فكيف ستجمع
المسلمين في أنحاء العالم؟ مع اليقين التام إن شاء الله بأن الله سيظهر الحق ويدمر
الباطل وأعداء الدين.
ج: جماعة أنصار السنة المحمدية في مصر ثم السودان جماعة إسلامية سنية
سلفية، تدعو إلى الله على منهاج النبوة في التوحيد، والتعبد والسلوك، وتعتقد
الولاء والبراء على الكتاب والسنة، هذا ما هو معروف عندها - ولله الحمد - فهي تمثل
جماعة المسلمين الحقة في وسط هذه المجتمعات التي تعج بأنواع الفرق والنحل، وقد نفع
الله بهم خلقا كثيرا من العلماء وطلبة العلم وعامة الناس، وهذا الاسم (جماعة أنصار
السنة المحمدية) إنما صار لتتميز به أمام الجماعات والفرق التي داخلتها البدع
والأهواء المضلة، "وعقد
الولاء والبراء ليس على هذا الاسم، وإنما هو على الكتاب والسنة والحب في الله
والبغض في الله."
ولهذا فلا يجوز تفرقهم، ولا تفريق كلمتهم، ومن سعى في هذا أو رماهم بالتحزب
المقيت فقد اعتدى عليهم وظلم نفسه،
وهذا من الفتون في صدع الصف وتفريق جماعة المسلمين التي تترسم هدي النبي
صلى الله عليه وسلم، ونوصيكم وأنفسنا بتقوى الله في السر والعلن، وعدم الالتفات
إلى من يريد تفريق الكلمة، والحرص على التزود من العلم النافع ونشره بين الناس،
وبخاصة توحيد الله سبحانه وتعالى في عبادته وفي أسمائه وصفاته، والتحذير من الشرك
والطرق المضلة. ثبتنا الله وإياكم على الإسلام.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن
عبد الله بن باز
والحمد لله رب العالمين
أرسل الفوائد
chaabanelhilali@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق