الأحد، 24 أغسطس 2014

الاتباع



الإِتِّباعُ





لأبي عبد الرحمان الهلالي





نظرت يوما في اختلاف طوائف المسلمين قديما وحديثا ولفت انتباهي أن كل طائفة من هذه الطوائف تختار لنفسها اسما يميزها عن غيرها،يعبر عن اعتقادها ومنهجها ,ولم أعجب يوما من تسميات الفرق الضالة وإنما ساءني أن ينتسب أهل السنة  إلى غير  ما انتسب إليه القرون المفضلة ,فكنا أهل سنة ولا نزال كذالك ونسأل الله أن نموت على ذالك ولا نحتاج أن نغير انتسابنا بحجة أن بعض أهل الأهواء تبعنا في تسميتنا ونسبتنا ,بل الواجب علينا أن ندافع عن انتسابنا وعما ننتسب إليه ونزيح عنه ونخرج منه كل من انتسب إليه أو دخل فيه بغير حق وحجتي أمران:
الأول: قوله تعالى: ﴿ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ وقوله ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا ﴾ فلم يغير الله اسمه مع حصول الالتباس. عن مكحول، أن النبيّ صلى الله عليه وسلم "كان يتهجَّد بمكة ذات ليلة، يقول في سجوده: يا رَحْمَنُ يا رَحيمُ، فسمعه رجل من المشركين، فلما أصبح قال لأصحابه: انظروا ما قال ابن أبي كبشة، يدعو الليلة الرحمن الذي باليمامة، وكان باليمامة رجل يقال له الرحمن: فنزلت (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى)." والأثر مقطوع
 وقوله تعالى: ﴿ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
الثاني قوله تعالى: ﴿ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدَ الْيَهُودَ صِيَامًا، يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ؟» فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، أَنْجَى اللهُ فِيهِ مُوسَى وَقَوْمَهُ، وَغَرَّقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ، فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا، فَنَحْنُ نَصُومُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ» أخرجه مسلم

عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ وَإِذَا أُنَاسٌ مِنَ اليَهُودِ يُعَظِّمُونَ عَاشُورَاءَ وَيَصُومُونَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَحْنُ أَحَقُّ بِصَوْمِهِ، فَأَمَرَ بِصَوْمِهِ» أخرجه البخاري

فهذا ربنا ونبيُّنا يعلمانا كيف نرد على من انتسب إلى ما أهل الحق والإيمان أحق به وأهله  فأنا أقول: أنا سني هذا حسبي ويكفيني وإن ادعى مبتدع أنه سني مثلي فهذا لا يضرني  ولا ينفعه كما لم ينفع المشركين انتسابهم إلى إبراهيم ولم يضر إبراهيم عليه السلام انتساب اليهود إليه.

     وسنة الله في الدين وعادة الناس في الدنيا "أن إصلاح ما فسد مقدم على استبداله بغيره" فانظر رحمك الله إلى جميع العبادات التي شرعها الله جل وعلا وأمر بها تجد أنه شرع لمن أخل بشيء منها أن يرقعها ابتداء بشهادة أن لا إله إلا الله، قال عليه الصلاة والسلام: من قال واللاة والعزة فليقل: لا إله إلا الله والصلاة شرع لها أحكام سجود السهو وكذا الحج شرع لها ما يصلحها ولم يشرع البتة ترك العبادة والخروج منها لخلل أو نقص فيها إلا إذا تعذر إصلاحها.
وكذالك أمور الدنيا فإن الناس تميل إلى إصلاح ما فسد من ملابسها وآلاتها أكثر من ميلها إلى ترك الفاسد منها واستبداله بالجديد بل يعدُّون ذالك خفة عقل وتبذير.
    فكيف إذا كان هذا الاستبدال هو استبدال للذي هو أدنى بالذي هو خير استبدال لتاريخ لعناوينِ كتبٍ عظيمةِ القدرِ بليغة الأثر انتهت كلها بـ (......أهل السنة)
    نعم إخواننا لا شك ولا ريب أن هذا استبدال للذي هو أدنى بالذي هو خير، وتمهلوا -أحسن الله إليكم- فإنه لم يقل أحد في تفسير قول الله جل وعلا لبني إسرائيل ذاما لهم على استبدالهم المن والسلوى بالفوم والعدس والبصل﴿ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ أن الله جل وعلا حرم الفوم والعدس والبصل ولا لفظ كلامنا ولا معناه يدل على تحريم إطلاق السلفية والانتساب إليها نعوذ بالله من ذالك-

واعلموا إخواننا أن الإشكال ليس في أن تقول أنا سلفي أو فلان سلفي أو الفرقة الفلانية سلفية بل هذا قد يكون جيدا بل قد يكون هو المناسب في بعض الأمكنة ولبعض الناس(1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتـ
(1) كما قد يكون الثوم والبصل هو المناسب لبعض الناس في بعض الأمكنة


إنما الإشكال والإخلال أن تستبد ل السنية بالسلفية فهذا الذي نقول عنه استبدال للذي هو أدنى بالذي هو خير
فالعيب ليس في السلفية بل في استبدالها(1) بالسنية لأن السنية كنسبة أشرف من السلفية كنسبة لانتساب الصحابة والتابعين وتابعيهم ومن بعدهم من أهل العلم والفضل إليها إلى أن انتشر الانتساب في هذا العصر للسلفية ولا شك أن الانتساب إلى ماانتسب إليه ابن عباس وأبو هريرة وابن عمر وغيرهم من الصحابة والتابعين فمن بعدهم وهم القرون المفضلة المشهود لهم بالخيرية أفضل وأعظم من الانتساب إلى غيرها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
  (1)  كما أن العيب ليس في البقل والقثاء والفوم والعدس والبصل وإنما العيب في استبدالهم بما هو خير.








ثم نقول لإخواننا هِؤلاء: هاأنتم هؤلاء تقولون: لم نأت بهذه النسبة إلا لأن " أهل السنة " صارت علامة على الأشعرية فانتسبنا للسلفية حتى يميز المسلم الخبيث من الطيب، ولو رجع المسلمون إلى عهدهم الأول لتخلينا عن هذه النسبة وانتسبنا جميعا للإسلام والسنة.
فنقول لا نشك في القصد ونحترم المقصد لكن هاأنتم هؤلاء قد أصلحتم الحاضر-فيما تقولون   وتكتبون-فمن يصلح الماضي من يغير كتبا لأجلة عنونت بـــ: " عقيدة أهل السنة " و " أصول السنة " و " السنة " وغيرها
ثم إخواننا من يجرؤ منا على تغيير أقوال الصحابة وإطلاقهم هذه النسبة على أهل الصلاح والاستقامة من المسلمين هذا أولا
ثانيا: أسألكم إخواننا متى ظهرت الأشاعرة(1)؟ وبعد أن تجيبوا أسألكم كم من كتاب ألف بعد ظهورهم وانتشار مقالتهم انتهى عنوانه بـــ: " السنة "؟ فإذا أجبتم سألتكم كم من كتاب ألف بعد ظهورهم وانتشار مقالتهم انتهى عنوانه بـــ: " السلفية "؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتـ      
  (1)  نسبة للإمام علي بن إسماعيل بن إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، ولد سنة ستين ومائتين من الهجرة النبوية، وتوفي ترجمه أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر الدمشقي في كتابه (تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى أبي موسى الأشعري) والخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد)وغيرها وكان أول أمره معتزليا ثم تاب ورجع إلى مذهب الإمام أحمد وأهل الحديث


    
إخواننا لا مفر لنا ولكم إلا بالرجوع إلى الأصل وهو الإسلام والسنية فإن أبيتم بحجتكم حاججناكم بما احتججتم به فقد أصبحت السلفية اليوم علامة على التكفير وحجة للطغاة والبغاة للنأي عن الاستقامة بل والنهي عنها والتنفير منها فماذا أنتم فاعلون؟ فعلى أصلكم وجب الانتقال من السلفية إلى نسبة أخرى أنا أرجوا أن تكون رجوعا إلى الأصل؛ إلى السنية والله المستعان
ولا حول ولا قوة إلا بالله
العلي العظيم

   وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى مَالِكٍ , فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَسْأَلُكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ أَجْعَلُكَ حُجَّةً فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّهِ، قَالَ مَالِكٌ: مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، سَلْ.
قَالَ: مَنْ أَهْلُ السُّنَّةِ؟ قَالَ: أَهْلُ السُّنَّةِ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ لَقَبٌ يُعْرَفُونَ بِهِ، لَا جَهْمِيٌّ، وَلَا قَدَرِيٌّ، وَلَا رَافِضِيّ

        أبو عبد الرحمن الهلالي   
                                  

 أرسل الفوائد

chaabanelhilali@gmail.com






ليست هناك تعليقات: