" اعتلال القلوب"
عن النعمان بن بشير قال: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" إن في ابن آدم مضغة إذا صلحت صلح سائر جسده وإذا
فسدت فسد سائر جسده، ألاوهي القلب ".أخرجه أبو داود الطيالسي في " المسند " (788)
وصححه الألباني
والمقصود بصلاح سائر الجسد هنا هو استقامته على أمر الله جل وعلا استقامة توصله إلى الجنة
وصلاح القلب الذي به يكون صلاح سائر الجسد إنما يكون بحياة القلب وسلامته من المرض فإذا كان القلب
مريضا أو ميتا فعلى سائر الجسد السلام بل على الجنة السلام...
.....عجيب أمرنا ينفق الواحد منا ما ملك ليداوي جرحا أصابه في بدنه ولو
تركه ولم يعالجه ماضره
ثم لا يبالي بالداء العضال يصيب قلبه فيميته أو يمرضه مع أن الله جل وعلا أخبر
أنه لا يدخل الجنة ذو قلب مريض ولا ذو قلب ميت حال كونه مريضا أو ميتا
قال سبحانه: ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا
مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾
وقال:﴿إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ
وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ﴾
وقال:﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (69)
لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (70) ﴾
لذالك قال ابن القيم- رحمه الله- في "الداء والدواء": أَجْمَعَ السَّائِرُونَ إِلَى اللَّهِ أَنَّ الْقُلُوبَ
لَا تُعْطَى مُنَاهَا حَتَّى تَصِلَ إِلَى مَوْلَاهَا، وَلَا تَصِلُ إِلَى
مَوْلَاهَا حَتَّى تَكُونَ صَحِيحَةً سَلِيمَةً
" ومَرَضُ الْقَلْبِ " هُوَ نَوْعُ فَسَادٍ يَحْصُلُ لَهُ يَفْسُدُ بِهِ تَصَوُّرُهُ
وَإِرَادَتُهُ
وفساد تصوره يكون باختلاط الحق عنده بالباطل حتى تراه
يرى الحق باطلا والباطل حقا قال سبحانه: ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا
وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ
لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا
إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (12) وَإِذَا قِيلَ
لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ
أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (13) ﴾
لذالك جاء في الدعاء المأثور: "اللهم
أرنا الحق حقاً، وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً، وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله
ملتبساً علينا فنضل، واجعلنا للمتقين إماما"
وإذا مرض القلب وفسد فسدت إرادته فتراه يُبْغِضُ
الْحَقَّ النَّافِعَ وَيُحِبُّ الْبَاطِلَ الضَّارَّ؛قال سبحانه
﴿ سَأَصْرِفُ
عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ
يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا
يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ﴾
والعبد
إذا فسد تصوره فصار يرى الحق باطلا والباطل حقا
وفسدت إرادته حتى صار يريد الباطل ويحبه ويكره الحق وينصرف عنه كانت النار
أولى به
قال سبحانه: ﴿ فَأَمَّا
مَنْ طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ
الْمَأْوَى﴾
﴿طغى﴾: والطغيان لايكون إلا
من فساد التصور
له أموال كثيرة وفيرة وأولاد طائعون وجاه ومنزلة وسلطان فيعتقد من فساد
تصوره أنه إنما وصل إلى كل ذلك بعمله وحيلته وليس لأحد عليه في ذلك عليه فضلا....
﴿ وآثر الحياة الدنيا﴾: صار يحب الدنيا
بما فيها من ملذات وشهوات وينصرف عن الآخرة بل عن الجنة وأسبابها من طاعات وقربات
والمصير: ﴿ فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى﴾
لهذا كانت مداواة
القلوب وشفاؤها آكد من دواء الأجسام من أدوائها وأمراضها
قال سبحانه: ﴿ يَا
أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3)
وَثِيَابَكَ فَطَهِّر﴾ قال جمهور
المفسرين قديما وحديثا: المراد بالثياب هنا: القلب .
وقد ألف الإمام محمد بن جعفر بن محمد بن سهل، أبو بكر
الخرائطي السامري كتابا سماه "اعتلال القلوب" أي مرض القلوب
بدأه بالنصيحة بالاعتناء بإصلاح القلوب ومداواتها وأن
ذلك من أعظم أسباب القرب من الله جل وعلا فقال رحمه الله: "بَابُ
الرَّغْبَةِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِإِصْلَاحِ مَا فَسَدَ مِنَ الْقُلُوبِ"
ثم روى بسنده عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ فِي الإِنْسانِ
بُضْعَةٍ إِذَا صَلُحَتْ صَلُحَ سَائِرُ جَسَدِهِ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ
سَائِرُ جَسَدِهِ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ» وقد تقدم شرحه
وأعظم ما يقد يصد العبد عن معالجة قلبة اعتقاده السلامة
في قلبه
فإذا وصل العبد إلى هذا الاعتقاد وآمن به وصدقه كان فيه
هلاكه وخسرانه’ وعلاج هذا الاعتقاد الفاسد أن يعلم العبد أن أفضل الخلق وسيدهم
محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم كان يخشى على قلبه
عَنْ عائشة رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى
طَاعَتِكَ» ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ تُكْثِرُ أَنْ تَدْعُوَ
بِهَذَا الدُّعَاءِ، هَلْ تَخْشَى؟ قَالَ: «وَمَا يُؤَمِّنُنِي يَا عَائِشَةُ،
وَقُلُوبُ الْعِبَادِ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى، إِذَا أَرَادَ أَنْ يُقَلِّبَ قَلْبَ عَبْدٍ لَهُ قَلَّبَهُ" والحديث رواه الترمذي والخرائطي وغيره وصححه الألباني.
فإذا كان أفضل الخلق يخشى على قلبه وهو الذي قلبه لم ينم ساعة ولم يغفل
لحضة عن ذكر الله جل وعلا فكيف يأمن غيره ؟
عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: «تَنَامُ عَيْنِي وَلاَ يَنَامُ قَلْبِي» متفق عليه
والعاقل الحريص على دينه ومرضاة
ربه لابد أن يسأل نفسه طيب مالذي يؤدى إلي مرض القلوب حتى
يفسد تصورها وإرادتها ويكون الجحيم مصيرها ؟
والجواب عن هذا
السؤال لمن سأل: ما قاله
المحاسبي رحمه الله في "الرسالة" قال رحمه الله: "وأصل فَسَاد الْقلب ترك المحاسبة
للنَّفس والاغترار بطول الأمل"
ومحاسبة النفس وتأديبها والقصاص منها هو أصل الحياة وسبب
البقاء لا أقول حياة القلوب وصحتها وبقاؤها فقط وإنما حياة البشرية جمعاء وبقاؤها
لولا أن في الدنيا عقوبة ومحاسبة وأخذ على يد الظالم
لهلكت الدنيا بمن فيها
قال سبحانه: ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا
أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾
لذلك كان السلف الصالح رضي أشد الناس حرصا على محاسبة
النفس بل كانوا -رضي الله عنهم- لايتصورون مسلما مؤمنا لا يحاسب نفسه
عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «لَا يُلْقَى الْمُؤْمِنُ إِلَّا يُعَاتِبُ نَفْسَهُ مَاذَا
أَرَدْتُ بِكَلِمَتِي مَاذَا أَرَدْتُ بِأَكْلَتِي مَاذَا أَرَدْتُ بِشَرْبَتِي
وَالْعَاجِزُ يَمْضِي قُدُمًا لَا يُعَاتِبُ نَفْسَهُ» وصدق الحسن رحمه الله
ومصدقه من لا ينطق عن الهوى عليه السلام
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ فِي سَاعَةٍ لَا يَخْرُجُ فِيهَا وَلَا يَلْقَاهُ فِيهَا أَحَدٌ
فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: (مَا جَاءَ بِكَ يَا أَبَا بَكْرٍ؟) قَالَ:
خَرَجْتُ أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَأَنْظُرُ
فِي وَجْهِهِ وَالتَّسْلِيمَ عَلَيْهِ. فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ عُمَرُ
فَقَالَ: (مَا جَاءَ بِكَ يَا عُمَرُ؟) قَالَ: الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قال
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: (وَأَنَا قَدْ وَجَدْتُ بَعْضَ ذَلِكَ) .
فَانْطَلَقُوا إِلَى مَنْزِلِ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيْهَانِ
الْأَنْصَارِيِّ وَكَانَ رَجُلًا كَثِيرَ النَّخْلِ وَالشَّاءِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ
خَدَمٌ فَلَمْ يَجِدُوهُ فَقَالُوا لِامْرَأَتِهِ: أَيْنَ صَاحِبُكِ؟ فَقَالَتِ:
انْطَلَقَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا الْمَاءَ. فَلَمْ يَلْبَثُوا أَنْ جَاءَ أَبُو
الْهَيْثَمِ بِقِرْبَةٍ يَزْعَبُهَا فَوَضَعَهَا ثُمَّ جَاءَ يلتزم النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَيُفَدِّيهِ بِأَبِيهِ وَأُمِّهِ ثُمَّ انْطَلَقَبِهِمْ
إِلَى حَدِيقَتِهِ فَبَسَطَ لَهُمْ بِسَاطًا ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى نَخْلَةٍ
فَجَاءَ بِقِنْوٍ فَوَضَعَهُ فَقَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: (أَفَلَا
تَنَقَّيْتَ لَنَا مِنْ رُطَبِهِ؟) فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَرَدْتُ
أَنْ تَخْتَارُوا أَوْ تَخَيَّرُوا مِنْ رُطَبِهِ وَبُسْرِهِ فَأَكَلُوا
وَشَرِبُوا مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ:(هَذَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مِنِ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ ظِلٌّ بَارِدٌ وَرُطَبٌ طَيِّبٌ وَمَاءٌ بَارِدٌ)
وللسلف الصالح رضي الله عنهم حكايات وروايات في محاسبة
النفس جمع كثيرا منها ابن أبي الدنيا في كتاب "محاسبة النفس" من ذلك ما
رواه
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ مَوْلًى لَهُمْ كَانَ يَصْحَبُ
الْأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ قَالَ: كُنْتُ أَصْحَبُهُ فَكَانَ عَامَّةُ صَلَاتِهِ الدُّعَاءَ وَكَانَ يَجِيءُ
الْمِصْبَاحَ فَيَضَعُ أُصْبُعَهُ فِيهِ ثُمَّ يَقُولُ: «حِسِّ» ثُمَّ يَقُولُ:
«يَا حُنَيْفُ، مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ يَوْمَ كَذَا؟ مَا حَمَلَكَ عَلَى
مَا صَنَعْتَ يَوْمَ كَذَا؟»
وعَنْ ثَابِتِ بْنِ الْحَجَّاجِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا، وَزِنُوا
أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا؛ فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ فِي
الْحِسَابِ غَدًا أَنْ تُحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ، وَتَزَيَّنُوا
لِلْعَرْضِ الْأَكْبَرِ {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ}
[الحاقة: 18] "
وأما السبب
الثاني من أسباب فساد القلوب ومرضها وهو طول الأمل ومعناه
ما قاله ابن عباس ومجاهد والسدي وغيرهم رضي الله عنهم عند تفسيرهم قوله تعالى: ﴿ بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ﴾
قالوا رحمة الله عليهم: طول الأمل: أن يَمْضِي قُدُمًا عَلَى مَعَاصِي اللَّهِ
مَا عَاشَ رَاكِبًا رَأْسَهُ لَا يَنْزِعُ عَنْهَا وَيُؤَخِّرُ التَّوْبَةَ فَيَقُولُ سَوْفَ
أَتُوبُ سَوْفَ أَعْمَلُ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمَوْتُ عَلَى شَرِّ أَحْوَالِهِ
وَأَسْوَأِ أَعْمَالِهِ. عياذا بالله جل وعلا
والاغترار بطول الأمل هو الذي حمل إخوة يوسف على معصية الله جل وعلا ورمي أخيهم يوسف عليه السلام في
البئر كما حكى ذلك رب العزة جل وعلا في كتابه
قال سبحانه: ﴿ إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ
وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي
ضَلَالٍ مُبِينٍ (8) اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ
أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (9) ﴾
يعني اقتلوا يوسف أو
القوه في مكان بعيد من الأرض بحيث لا يجده يعقوب عليه السلام إن بحث عنه ثم توبوا
بعد ذلك فتكونوا بعد التوبة قوما صالحين
والاغترار بطول الأمل هو الذي جعل الكفار يتمادون في كفرهم قال سبحانه:
﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ
مُبِينٍ (1) رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2)
ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
(3) ﴾
ولأن الاغترار بطول الأمل أحد أعظم سببين من أسباب فساد
القلوب حذر النبي صلى الله عليه وسلم منه ووصف لأمته علاجا له
عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بِبَعْضِ جَسَدِي فَقَالَ: «كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ وَعُدَّ نَفْسَكَ فِي أَهْلِ
القُبُورِ» فَقَالَ لِي ابْنُ عُمَرَ: «إِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِالمَسَاءِ،
وَإِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِالصَّبَاحِ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ
قَبْلَ سَقَمِكَ وَمِنْ حَيَاتِكَ قَبْلَ مَوْتِكَ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي يَا
عَبْدَ اللَّهِ مَا اسْمُكَ غَدًا»
والحمد لله رب العالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق