الثلاثاء، 27 يناير 2015

"... لا... حتى ترجعوا إلى دينكم"






 "... لا... حتى ترجعوا إلى دينكم"
الحمد لله الذي علَّم وفهَّم حمدا كثيرا لما والى وأنعم وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد:
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «جعل الذّل والصّغار على من خالف أمري وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ » وهو طرف من حديث  رواه أحمد ( 5667) وغيره وصححه الألباني ،عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ بِالسَّيْفِ، حَتَّى يُعْبَدَ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ  رُمْحِي، وَجُعِلَ الذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»
والمقصود من الحديث قوله عليه السلام: «جعل الذّل والصّغار على من خالف أمري وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ »
ومعناه: أن الله جل علا سلّط قضاء وقدرا وشرعا الذلَّ والصّغارَ والصغار أشدّ الذلّ. على من خالف أمر نبيّه صلى الله عليه وسلم ،من تشبه بقوم فهو منهم يحق عليه ما يحق عيلهم بقدر ما تشبه به منهم.
والعجيب أن العرب اليوم والذلُّ  يغشاهم ويحيطهم بهم كل جانب مثلهم كمثل
كلاب بن صعصعة، رجل من حمقى العرب خرج إخوته يشترون خيلا وخرج معهم كلاب فجاء بعجل يقوده؛ فقال له إخوته: ما هذا؟ قال: فرس اشتريته؛ قالوا: يا مائق، هذه بقرة أما ترى قرنيها! فرجع إلى بيته فقطع قرنيها كأنه يقول المشكلة في قرنيها قد أزلناهم  صارت ألان فرسا !!!. هذا مثل كثير من العرب اليوم
يعتقدون أنهم إن أزالوا عنهم مظهرهم العربي أزالوا الرّداء والقميص والبرنوس والقشّابية والحجاب وحلقوا اللّحى صاروا متقدمين متحضرين محترمين .
 وأحيانا تمثلهم برجل عد عليه الأسد فأكل شويهاته ،وبقراته بل أكل أولاده وأهل بيته فعل كل ذلك وهو ينظر إليه بعيني رأسه يراه  ويبصره، فإذا قيل له من فعل بك ذي وذي وذا؟ ، من فعل بك هكذا؟ أشار إلى القط وقال: القط القط؛أكلهم القط ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46) [سورة الحج]
والمصيبة أنه إذا قام بعض أهل الصلاح فقال: ياقوم ارجعوا إلى دينكم إلى سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم فإنما أصابكم ما أصابكم من ذل وهوان وصغار بسبب ترككم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم وتشبهكم بالكفار واتباعكم سننهم ، أجابكم أشقاهم بقوله:
دَع عَـنكَ لَومي فَإِنَّ اللَومَ إِغراءُ ***وَداوِنـي بِـالَّتي كانَت هِيَ الداءُ
نعم بمرارة نقولها أكثر العرب اليوم على مذهب أبي نواس "وداوني بالتي كانت هي الداء"
 لأنه -والله- أكثرهم يعلم أن العرب ما ذلوا  ولا تخلفوا ولا ضعفوا ولا تباغضوا ولا اختلفوا  إلا بسبب نسيانهم شيئا من دينهم قل أو كثر
قال سبحانه: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ  
 وقال : ﴿وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ
فلما نسينا كما نسوا حق علينا بقدر ما نسينا ما حق عليهم من العداوة والبغضاء ،أسأل الله ألا تكون إلى يوم القيامة
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ» رواه أبوداود وغيره وصححه الألباني  

ومعنى الحديث: إذا تبايعتم بالربا وركنتم إلى الدنيا وشهواتها وتركتم ما أمرتم به من الدعوة إلى الله ونصرة دينه سلط الله عليكم  ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ، وقد جاء هذا المعنى في حديث ثوبان رضي الله عنه.
عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  «يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الْأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا ". قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ:  أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنْ تَكُونُونَ  غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ، تُنْتَزَعُ الْمَهَابَةُ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ، وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ ". قَالَ: قُلْنَا: وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: " حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ »أخرجه أبو داود (4297) وغيره وصححه الألباني
 فاللّهم ردّ المسلمين إلى دينهم ردا جميلا.
وقد أنشدنى أستاذي مداني في هذا المعنى أبياتا رائعة لعلي أنشرها مستقبلا كاملة أذكر منها قوله:
فلولا الوحي ما كنا عبادا ─═☆☆ وما صفت العقول من البلاههْ
                     وما فتحت بلادٌ عهد فتح ─═☆☆ يشعُّ الوحي أفعالا وفاها 
                     ولن تعطوا زمام الأرض يوما─═☆☆إلى أن تحرموا نفسا هواها
وحتى ترجعوا ويسود وحي ─═☆☆ من الإسلام عِزٌ لا يضاهى  






ليست هناك تعليقات: