السبت، 31 يناير 2015

شيْءٌ يشبه شيْئًا



   شيْءٌ يشبه شيْئًا
الحمد لله الذي علَّم وفهَّم حمدا كثيرا لما والى وأنعم وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد:
قال جلَّ وعلا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12)
قال الإمام القرطبي: دَلَّ سِيَاقُ الْآيَةِ عَلَى الْأَمْرِ بِصَوْنِ عِرْضِ الْمُسْلِمِ غَايَةَ الصِّيَانَةِ لِتَقَدُّمِ النَّهْيِ عَنِ الْخَوْضِ فِيهِ بِالظَّنِّ فَإِنْ قَالَ الظَّانُّ أَبْحَثُ لِأَتَحَقَّقَ قيل لَهُ وَلَا تجسسوا فَإِنْ قَالَ تَحَقَّقْتُ مِنْ غَيْرِ تَجَسُّسٍ قِيلَ لَهُ وَلَا يغتب بَعْضكُم بَعْضًا إ ه
كمادلّت الآية على أن سوء الظن  غيبة
قال الإمام النووي في الأذكار: (بابُ الغِيْبَةِ بالقَلْبِ)
  " اعلم أن سوء الظنّ حرام مثل القول، فكما يحرم أن تحدّث غيرك بمساوئ إنسان، يحرم أن تحدّث نفسك بذلك وتسئ الظنّ به،قال الله تعالى:(اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ) [الحجرات: 12] وروينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: " إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فإنَّ الظَّنَّ أكْذِبُ الحَدِيثِ "
قال رحمه الله : قال الإِمام أبو حامد الغزالي في " الإِحياء ": إذا وقعَ في قلبك ظنّ السوء، فهو من وسوسة الشيطان يلقيه إليك، فينبغي أن تُكذِّبه فإنه أفسقُ الفسّاق، وقد قال الله تعالى: (إنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإ فَتَبَيَّنُوا أنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا على ما فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) [الحجرات: 7] فلا يجوز تصديق إبليس، فإن كان هناك قرينة تدل على فساد، واحتمل خلافه، لم تجز إساءة الظنّ، ومن علامة إساءة الظنّ أن يتغيَّر قلبُك معه عمّا كان عليه. انتهى كلامه رحمه الله
وما قاله الإمام النووي وقبله الإمام الغزالي وغيرهم من أهل العلم رحمة الله عليهم هو أصل أصله الإمام القرشي المطلبي محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله تعالى فقال في كتاب " إبطال الاستحسان": "مَنْ حَكَمَ عَلَى النَّاسِ بِخِلَافِ مَا ظَهَرَ عَلَيْهِمْ اسْتِدْلَالًا عَلَى أَنَّ مَا أَظْهَرُوا يَحْتَمِلُ غَيْرَ مَا أَظْهَرُوا بِدَلَالَةٍ مِنْهُمْ أَوْ غَيْرِ دَلَالَةٍ لَمْ يَسْلَمْ عِنْدِي مِنْ خِلَافِ التَّنْزِيلِ وَالسُّنَّةِ"

يعني بالتنزيل رحمه الله، قول الله جل وعلا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ
  وأما السنة فلعله يقصد: ما خرّجه البخاري ومسلم    
عن عتبان بن مالك رضي الله عنه وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الأَنْصَارِ: أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَنْكَرْتُ بَصَرِي، وَأَنَا أُصَلِّي لِقَوْمِي، فَإِذَا كَانَتِ الأَمْطَارُ سَالَ الوَادِي الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ، لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ آتِيَ مَسْجِدَهُمْ فَأُصَلِّيَ لَهُمْ، فَوَدِدْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَّكَ تَأْتِي فَتُصَلِّي فِي بَيْتِي فَأَتَّخِذُهُ مُصَلًّى، فَقَالَ: «سَأَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» قَالَ عِتْبَانُ: فَغَدَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ حِينَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ، فَاسْتَأْذَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَذِنْتُ لَهُ، فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى دَخَلَ البَيْتَ، ثُمَّ قَالَ لِي: «أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ؟» فَأَشَرْتُ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ البَيْتِ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَبَّرَ فَصَفَفْنَا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ [ص:73] سَلَّمَ، وَحَبَسْنَاهُ عَلَى خَزِيرٍ صَنَعْنَاهُ، فَثَابَ فِي البَيْتِ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ ذَوُو عَدَدٍ فَاجْتَمَعُوا، فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: أَيْنَ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُنِ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: ذَلِكَ مُنَافِقٌ، لاَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لاَ تَقُلْ، أَلاَ تَرَاهُ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ؟ " قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: قُلْنَا: فَإِنَّا نَرَى وَجْهَهُ وَنَصِيحَتَهُ إِلَى المُنَافِقِينَ، فَقَالَ: " فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ "
فرد النبي صلى الله عليه وسلم غيبة ذالك الرجل مع أنه فعل فعلا ظاهره الفسوق والعصيان،وكذالك ينبغي عليك يا عبد الله أن ترد غيبة إخوانك ولا تسمح لأحد أن يغتاب  أو يسب، أو يتهم  عندك أحدا من المسلمين؛ إلا أحدا أذن الله ورسوله فيه، أو نص أهل العلم على جواز ذكره بما فيه
وممن أذن الله وأذن رسوله فيهم:
الظالم: قال سبحانه: ﴿ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا
وعَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ، وَعُقُوبَتَهُ»
واللّي: الظلم ، والواجد هو الغني القادر على السداد،قال سفيان: يحل عرضه: أن يقول: ظلمني حقي قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: «يُحِلُّ عِرْضُهُ يُغَلَّظُ لَهُ، وَعُقُوبَتَهُ يُحْبَسُ
 وقال وكيع: عرضه: شكايته ، وعقوبته : حسبه
وكل ظالم تعدى بظلمه حتى خشي منه على الإسلام والمسلمين وجب ذكره بما فيه حتى يُحذر منه ، كالسّاحر، والكاهن، والرُّويبضة، والفاسقُ المجاهر بفسقه، والمبتدع  وهكذا ..  
قال شيخ الإسلام: وَهَذَا كُلُّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ النُّصْحِ وَابْتِغَاءِ وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى لَا لِهَوَى الشَّخْصِ مَعَ الْإِنْسَانِ: مِثْلَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ أَوْ تَحَاسُدٌ أَوْ تَبَاغُضٌ أَوْ تَنَازُعٌ عَلَى الرِّئَاسَةِ فَيَتَكَلَّمُ بِمَسَاوِئِهِ مُظْهِرًا لِلنُّصْحِ وَقَصْدُهُ فِي الْبَاطِنِ الْغَضُّ مِنْ الشَّخْصِ وَاسْتِيفَاؤُهُ مِنْهُ فَهَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ وَ {إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى} بَلْ يَكُونُ النَّاصِحُ قَصْدُهُ أَنَّ اللَّهَ يُصْلِحُ ذَلِكَ الشَّخْصَ وَأَنْ يَكْفِيَ الْمُسْلِمِينَ ضَرَرَهُ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ وَيَسْلُكُ فِي هَذَا الْمَقْصُودِ أَيْسَرَ الطُّرُقِ الَّتِي تُمَكِّنُهُ.

و أختم بالقول: إن المغتابين مرضى وموبوئين، وما رأيت شيئا أشبه بشيء كشبه المغتاب بالمتغوط من فيه، حتى قال بعض الفقهاء:الغيبة تنقض الوضوء كما ينقضها البول والغائط  ولا أزيد فأحيد.
وأما الذين اغتيبوا فليعلموا أن غيبة هؤلاء لهم خير لهم  قال جل وعلا: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ

                                   والحمد لله رب العالمين           

الجمعة، 30 يناير 2015

أليس هذا أوانها ومحلها وزمانها؟؟





أليس هذا أوانها ومحلها وزمانها؟؟
 ﴿ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28)[سورة المائدة]
أليس هذا أوان أن يقول المسلم لأخيه المسلم الذي يتربص به ويريد قلته ﴿ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) ﴾ ؟؟
أمَّا أنا فأعتقد أنه أوانها و محلها وزمانها.
عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ عِنْدَ فِتْنَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: أَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ القَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ القَائِمِ، وَالقَائِمُ خَيْرٌ مِنَ المَاشِي، وَالمَاشِي خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي» قَالَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ دَخَلَ عَلَيَّ بَيْتِي وَبَسَطَ يَدَهُ إِلَيَّ لِيَقْتُلَنِي؟ قَالَ: «كُنْ كَابْنِ آدَمَ» وفي رواية« فَإِنْ أَدْرَكْتَ ذَاكَ، فَكُنْ عَبْدَ اللهِ الْمَقْتُولَ»، قَالَ أَيُّوبُ: وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ، وَلَا تَكُنْ عَبْدَ اللهِ الْقَاتِلَ ".  رواه أحمد وغيره وصححه الألباني

الثلاثاء، 27 يناير 2015

"... لا... حتى ترجعوا إلى دينكم"






 "... لا... حتى ترجعوا إلى دينكم"
الحمد لله الذي علَّم وفهَّم حمدا كثيرا لما والى وأنعم وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد:
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «جعل الذّل والصّغار على من خالف أمري وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ » وهو طرف من حديث  رواه أحمد ( 5667) وغيره وصححه الألباني ،عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ بِالسَّيْفِ، حَتَّى يُعْبَدَ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ  رُمْحِي، وَجُعِلَ الذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»
والمقصود من الحديث قوله عليه السلام: «جعل الذّل والصّغار على من خالف أمري وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ »
ومعناه: أن الله جل علا سلّط قضاء وقدرا وشرعا الذلَّ والصّغارَ والصغار أشدّ الذلّ. على من خالف أمر نبيّه صلى الله عليه وسلم ،من تشبه بقوم فهو منهم يحق عليه ما يحق عيلهم بقدر ما تشبه به منهم.
والعجيب أن العرب اليوم والذلُّ  يغشاهم ويحيطهم بهم كل جانب مثلهم كمثل
كلاب بن صعصعة، رجل من حمقى العرب خرج إخوته يشترون خيلا وخرج معهم كلاب فجاء بعجل يقوده؛ فقال له إخوته: ما هذا؟ قال: فرس اشتريته؛ قالوا: يا مائق، هذه بقرة أما ترى قرنيها! فرجع إلى بيته فقطع قرنيها كأنه يقول المشكلة في قرنيها قد أزلناهم  صارت ألان فرسا !!!. هذا مثل كثير من العرب اليوم
يعتقدون أنهم إن أزالوا عنهم مظهرهم العربي أزالوا الرّداء والقميص والبرنوس والقشّابية والحجاب وحلقوا اللّحى صاروا متقدمين متحضرين محترمين .
 وأحيانا تمثلهم برجل عد عليه الأسد فأكل شويهاته ،وبقراته بل أكل أولاده وأهل بيته فعل كل ذلك وهو ينظر إليه بعيني رأسه يراه  ويبصره، فإذا قيل له من فعل بك ذي وذي وذا؟ ، من فعل بك هكذا؟ أشار إلى القط وقال: القط القط؛أكلهم القط ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46) [سورة الحج]
والمصيبة أنه إذا قام بعض أهل الصلاح فقال: ياقوم ارجعوا إلى دينكم إلى سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم فإنما أصابكم ما أصابكم من ذل وهوان وصغار بسبب ترككم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم وتشبهكم بالكفار واتباعكم سننهم ، أجابكم أشقاهم بقوله:
دَع عَـنكَ لَومي فَإِنَّ اللَومَ إِغراءُ ***وَداوِنـي بِـالَّتي كانَت هِيَ الداءُ
نعم بمرارة نقولها أكثر العرب اليوم على مذهب أبي نواس "وداوني بالتي كانت هي الداء"
 لأنه -والله- أكثرهم يعلم أن العرب ما ذلوا  ولا تخلفوا ولا ضعفوا ولا تباغضوا ولا اختلفوا  إلا بسبب نسيانهم شيئا من دينهم قل أو كثر
قال سبحانه: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ  
 وقال : ﴿وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ
فلما نسينا كما نسوا حق علينا بقدر ما نسينا ما حق عليهم من العداوة والبغضاء ،أسأل الله ألا تكون إلى يوم القيامة
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ» رواه أبوداود وغيره وصححه الألباني  

ومعنى الحديث: إذا تبايعتم بالربا وركنتم إلى الدنيا وشهواتها وتركتم ما أمرتم به من الدعوة إلى الله ونصرة دينه سلط الله عليكم  ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ، وقد جاء هذا المعنى في حديث ثوبان رضي الله عنه.
عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  «يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الْأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا ". قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ:  أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنْ تَكُونُونَ  غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ، تُنْتَزَعُ الْمَهَابَةُ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ، وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ ". قَالَ: قُلْنَا: وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: " حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ »أخرجه أبو داود (4297) وغيره وصححه الألباني
 فاللّهم ردّ المسلمين إلى دينهم ردا جميلا.
وقد أنشدنى أستاذي مداني في هذا المعنى أبياتا رائعة لعلي أنشرها مستقبلا كاملة أذكر منها قوله:
فلولا الوحي ما كنا عبادا ─═☆☆ وما صفت العقول من البلاههْ
                     وما فتحت بلادٌ عهد فتح ─═☆☆ يشعُّ الوحي أفعالا وفاها 
                     ولن تعطوا زمام الأرض يوما─═☆☆إلى أن تحرموا نفسا هواها
وحتى ترجعوا ويسود وحي ─═☆☆ من الإسلام عِزٌ لا يضاهى