التعجب من العجب
خرج أبو
محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (المتوفى: 276هـ) في "عيون
الأخبار" بسنده عن الأصمعيّ عن ابن أبي الزّناد عن أبيه قال:" لا يزال في الناس بقيّة ما تعجّب من العجب".وخرجه
تلميذه في المجالسة ونسبه الجاحظ للمغيرة بن شعبة ولم يسنده
والمعنى: أن الناس لايزالون
بخير وعلى خير ما تعجبوا إذا رأوا أو سمعوا ما يتعجب منه فإذا رأو أو سمعوا ما
يتعجب منه ولم يتعجبوا هلكوا
قال علي بن الغديّر الغنوي:
وَهَلْكُ
الفَتَى أَلَّا يراح إلى الندى ─═☆☆═─ وأن لايرى شيئا عجيبا فيعجبا
وقرأت ما ذكره أبو القاسم الزجاجي في أماليه عَن أبي
عمرو بْن الْعَلَاء قَالَ: قيل لرجلٍ من بني بكر بْن وائلٍ قد كبر حَتَّى ذهبت
مِنْهُ لَذَّة المأكل وَالْمشْرَب وَالنِّكَاح، أَتُحِبُّ أَن تَمُوت؟ قَالَ: لَا
.قيل لَهُ فَمَا بَقِي من لذتك فِي الدُّنْيَا؟ قَالَ أسمع بالعجائب. وَأَنْشَأَ
يَقُولُ:
وَهلك الْفَتى أَن لَا يراح إِلَى النَّدى
─═☆☆═─ وَأَن
لَا يرى شَيْئا عجيبا فيعجبا
معني " يراح " يرتاح، ومعني الْكَلَام وَأَن
لَا يعجب إِذا رأى الْعجب.
وإن كان في الأزمنة ماضيها وحاضرها زمان قد خلا من
التعجب وارتفع عن أهله التعجب حتى لاتكاد تسمع بمتعجب في الدنبا على شساعتها وعلى كثرة
ما فيها من العجائب ، فهو هذا الزمن الذي تساوى فيه أكثر الناس في فقد الشعور والا
حساس حتى صاروا كأسنان الحمار.
يسكت العارف وينطق الهارف فيقول بل نعجب ونتعجب
وما أكثر المتعجبين.
ثم يصمت الهارف لينطق العارف فيقول:
حضرت
مجلسا وبينما نحن جلوس إذ دخل علينا صبي قل في السابعة أو الثامنة من عمره فجلس
إلى جنب أبيه فقال له بصوت سمعته أعطني عشرة دنانير فقال له الوالد: فيما بعد فأصر
الولد على الأخذ وأصرّ الوالد على المنع فما كان من الولد إلا أن سب أباه سبا
شنيعا قبيحا فغضب الوالد وأراد أن ينتصر لأبوته فصفع الغلام على وجهه فركض
الولد متجها إلى حذاء فأخذه ثم رمى به وجه
أبيه فاندهش الحاضرون وتعجبوا وعم الصمت المجلس ثم انفجر الجميع بالضحك
يقول العارف : فلما ضحكوا تعجبت من تعجبهم وتذكرت
قول الله جل وعلا:
﴿ أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ
وَلَا تَبْكُونَ ﴾
حينها فقط عرفت أن للمتقين تعجبا ولغيرهم تعجبا
أبو عبد الرحمان الهلالي تمرسيت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق