العاصفة
إن مما اتفق عليه أهل الملة أنه ليس شيء من شؤون
المسلم إلا وهو من الإسلام ؛أكله ،وشربه، ونومه، وبوله وغائطه عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: قِيلَ لَهُ: قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ قَالَ:
فَقَالَ: أَجَلْ. رواه
مسلم
وإذا كان الأمر كذلك فما بال ثلة من أهل الفكر والسّياسية بزعمهم يقولون
السّياسة ليست من الدين وقد كذبوا -والله- بل السّياسة من الدّين بل الدّين كله سياسة قال صلى
الله عليه وسلم:" كانت بنو إسرائيل تسوسهم
الأنبياء" متفق عليه
قال العلاّمة البشير الإبراهيمي-رحمه الله-: "نحن سياسيون منذ خلقنا، لأننا
مسلمون منذ نشأنا، وما الإسلام الصحيح بجميع مظاهره إلا السياسة في أشرف مظاهرها،
وما المسلم الصحيح إلا المرشح الإلهي لتسيير دفّتها أو لترجيح كفّتها، فإذا نام
النائمون منا حتى سلبت منهم القيادة ثم نزعت منهم السيادة، فنحن- إن شاء الله-
كفّارة الذنب،
وحبل الطُّنْب. إ ه"
ولا إخال أكثر الذين أثاروا "عاصفة الحزم" إلا من دعاة فصل
السياسة عن الدّين، فإن أنكروا فهم من المتأثرين بهم ،فإن أبوا فقد تشبهوا بهم
وليس وراء ذلك شيء يفرون إليه
والدّليل أن عاصفتهم التي أثاروها جعجعة ليس لها طحين وإن كان فهو طحين حرّم
أكله وإنّ الله إذا حرّم أكل شيء حرّم ثمنه وحرّم الوسائل المؤدية إليه
والطحين الذي يريدون إطعامه لليمنيين هو الديموقراطية بزعمهم وهو شعار قد
رفعوه قديما في ليبيا ويرفعونه اليوم في سوريا، وقد رأينا كما رأت الإنس والجن
والدّواب ذلك الطحين وعاقبة من طعمه، ثم منذ متى يا هؤلاء كانت الديموقراطية شيئا
يقاتل المسلم لأجله أين وجدتم ذلك في كتاب الله أو سنة نبيّه صلى الله عليه وسلم ،
وقد يكون للقوم مبرر آخر لا أعلمه
وعموما ليس من شأني الحديث عن حكم هذه العاصفة فلذلك
قوم لست منهم ،وهم العلماء المستنبطون قال سبحانه:﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ
الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي
الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا
فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا
قَلِيلًا﴾
وإنما أردت التنبه على أن ما يفعله القوم هو من الدين وإذا كان كذلك فيجب
أن يتقدم فيه أهل العلم والقوم قد أخطئوا خطئا فادحا بتهميش العلماء الرّبانيين في
ذلك حتى أنك لا تكاد تعرف في عاصفتهم قولا لعالم مستنبط، ولا أصدرت هيئة كبار
العلماء بالمملكة السّعودية عن ذلك رأيا ولا فتوى.
ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق