الجمعة، 13 فبراير 2015

" شأن الدعاء "





" شأن(1) الدعاء "
الحمد لله  الذي بنعمته تتم الصالحات، ثم الصّلاة والسَّلام على خير من دعا الله حيًّا وبعد الممات ؛ محمد  وعلى آله وأصحابه ما دامت الأرض والسَّموات.  
أما بعدُ:    
  اعلموا أن الله لم يخلقنا عبثًا ولم يتركنا هملا قال سبحانه: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) [ سورة الذريات]
 والعبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال، والأعمال الظاهرة، والباطنة؛ ورأس العبادة الدعاء.
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ» ، ثُمَّ تَلَا ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمُ [غافر: ٦٠] الْآيَةَ. رواه أبوداود (١479) وغيره وصحَّحه الألباني.
ولولا الدّعاءُ ماعبأ الله بعباده قال سبحانه: ﴿ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا[سورة الفرقان] 
أي: ما يفعل بكم أو يصنع بكم لولا دعاؤكم .
   وقد توعَّد سبحانه الذين لا يدعونه بدخول جهنم داخرين قال جل في علاه:
﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (٦٠) ﴾ [ سورة غافر]
عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر: ٦٠] قَالُوا: لَوْ عَلِمْنَا أَيُّ عُبَادَةٍ هِيَ؟ قَالَ: فَنَزَلَتْ ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ [البقرة: ١٨٦] الْآيَةَ الطبراني في الدعاء
 والدعاء الذي أمرنا الله به ليس فقط أن يرفع العبد يديه إلى السماء يسأل ربه ما يشاء، لا وإنما الدعاء أيضا فعل الطاعات، فالصلاة دعاء والزكاة دعاء والحج دعاء والتوحيد قبل ذلك دعاء ، وترك المعاصي دعاء، والثناء على الله جل وعلا كلّه دعاء.

عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال سمعت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: « أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الحمد لله » رواه الترمذي وحسذنه الألباني
قيل لسفيان بن عيينة: كيف جعلها يعني:( الحمد لله ) دعاءً؟ قال: أما سمعت قول أمية بن الصلت لعبد الله بن جدعان يرجو نائله:
أأذكر حاجتي , أم قد كفاني ─═☆☆ حياؤك؟ إن شيمتك الحياء
إذا أثنى عليك المرء يوما ─═☆☆ كفاه من تعرضه الثناء
قال ابن القيم: فهذا مخلوق واكتفى من مخلوق بالثناء عليه من سؤاله، فكيف برب العالمين؟ مدارج السالكين (٢ / ٤٥٢ و ٤٥٣)
وعن الأشجعي قال: قيل لسفيان: ادع الله، قال: "إن ترك الذنوب هو الدعاء"⦆.
  والحمد لله رب العالمين
______________________________

(1) لسان العرب: الشَّأْنُ: الخَطْبُ والأَمْرُ والحال، وجمعه شُؤونٌ وشِئانٌ؛ عن ابن جني عن أَبي علي الفارسي. وفي التنزيل العزيز: كلَّ يوم هو في شأْن

                                

هناك تعليق واحد:

Unknown يقول...

إذا تأمل اللبيب عرف أنّ الدعاء محطة البداية لكل سبيل يسلكه و كلّ غاية يطلبها، فمن رام توفيقًا أو ثباتًا أو فهمًا أو رزقًا فالدعاء منطلقه.