السبت، 6 سبتمبر 2014

الدُّعاءُ الفرضُ Oo●•·

 
﴿ الدُّعاءُ الفرضُ﴾
﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾
سألتُ أحدهم يومًا فقلت له: ماهو السؤال أو الدُّعاء الذي فرض اللهُ على عباده أن يسألوه إيّاه، ومن لم يسأله إيّاه كفرَ، وغضبَ اللهُ عليه وخسرَ. ففكر طويلًا ذاكَ المسؤول ثم قدّر وقدّر لكنَّه لم يهتدي للصَّوابِ في الجواب، ولو سألتُ غيره لما اختلف أمره ولاتكاد تجد في النَّاس من يجيبك إلَّا من رحمَ اللهُ وقليل ماهم مع أنَّ الجواب يعرفه كلُّ مسلم ويكرّره في كل يوم عشرين مرةً أو يزيد. 
فقال لي ذلك الأخ المسؤول بعد أن عجز وأدركه اليأس ونجز: فما هو هذا الدُّعاء الفرض؟ فقلت له: إنه قولي وقولك وقول كل مسلم:  ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ دعاءٌ فرض الله على المسلمين أن يدعوه إيّاه أن يسألوه إياه أن يهديهم الصِّراط المستقيمَ؛ لعلمه بما يحتاجون ولما به يفوزون ويفلحون ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾.
  يعتقد كثيرٌ من النَّاس أن سبيل دخول الجنة إنّما يكون بكثرة الصَّلاة، والصِّيام، و الحجِّ، وقراءة القرآن وغيرها من أعمال البر،يقول أشقاهم: "أدِّ الفرض وخرِّب الأرض"، لا والله مالجنة دخولها بكثرة الصّلاة ولا بكثرة الصّيام ولابكثرة قراءة القرآن ولو كان الأمر كذلك لكانت الخوارج  والقدرية والمرجئة وغيرها من الفرق البدعية سادةَ أهل الجنة لكثرة طاعاتهم وعباداتهم الظَّاهرة قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الخوارج: «يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ». وقال يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ يصف القدرية: نَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، وَيَتَقَفَّرُونَ الْعِلْمَ ومع هذا الاجتهاد العظيم في العبادات وطلب العلم قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-« الخوارج كلاب النار» وقال: « القدرية والمرجئة مجوس هذه الأمة، فإن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم » وعمر أوعائشة أو عروة اختلاف في الأسانيد مع اتفاق على الصحة حذروا من مثل هؤلاء فقالوا:«لَا يَغُرَّنَّكُمْ صَلَاةُ امْرِئٍ وَلَا صِيَامُهُ، مَنْ شَاءَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ صَلَّى، لَا دِينَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ»ابن أبي شيبة وابن المقرىء في المعجم وغيرهم
على نحو قال أحدهم:
لَا تخدعنك اللحاء والصور ─═☆☆═─ تِسْعَة أعشار من ترى بقر 
فِي شـجر السدر مِنْهُم مثـل ─═☆☆═─ لَهَــا رواء وَمَـا لَــهَا ثَمَــر
 وأحسن من هَذَا كُلِّه قَوْله تَعَالَى:﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ﴾
 وغير النّائم أوالسّاهي أو الميت يسأل لمَ خسر هولاء وكانوا كلابًا ومجوسًا مع كثرة صلاتهم وصيامهم وطاعاتهم؟ والجواب: أنّهم خسروا لأنَّهم فعلوا ما فعلوا وهم في غير وعلى غير الصِّراط المستقيمِ.
  عبدَ الله، اعلم أنَّك لن تدخل الجنة إلَّا إذا فعلت ما أُمرت وأنتَ على الصّراط المستقيم فتصلِّي وأنت في الصِّراط وعلى الصِّراطِ المُستقيمِ فتقع صلاتُك في الصِّراطِ المُستقيمِ  وتصومُ وأنت في الصِّراطِ وعلى الصِّراطِ المُستقيمِ فيقع صومُك في الصِّراط المستقيم، وتحجُّ وأنت في الصِّراط وعلى الصِّراطِ المُستقيمِ فيقع حجُّك في الصِّراطِ المُستقيمِ، وتقرأ القرآن وأنت في الصِّراط وعلى الصِّراطِ المُستقيمِ قتقع قراءتُك في الصِّراطِ المُستقيمِ، وتفعل ما تفعل من الطَّاعات وأنت في الصِّراط وعلى الصِّراطِ المُستقيمِ، وأمَّا إذا صلَّيت وأنت في غير أو على غيرالصِّراطِ المُستقيمِ ضُربَ بصلاتك على وجهك وإن صلَّيت الدهر لاتفتر، وإذا صمت وأنت في غير أو على غيرالصِّراطِ المُستقيمِ ضُرب بصومك على وجهك وإن صمت الدَّهر لا تفطر، وإذا زكَّيت وأنت في غير أو على غيرالصِّراطِ المُستقيمِ ضُربَ بزكاتك على وجهك وإن أعطيتَ كلَّ مالك، وإذا حججت وأنت في غير أو على غيرالصِّراطِ المُستقيمِ ضرب بحَجِّك على وجهك، وإذا قرأت القرآن وأنت في غير أو على غيرالصِّراطِ المُستقيمِ ضُرب بقراءتك على وجهك، وهكذا سائر العبادات والطاعات إذا فعلتها وأنت في غير وعلى غير الصِّراطِ المُستقيمِ ضُرب بها على وجهك؛ فاللّهمَّ ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾.


  إلا بالهداية للطّريق المستقيم لا تكون الجنّة إلا بسلوك الطَّريق المستقيم فإذا كنت في الطريق المستقيم فلا يَضرُّك أحِمارًا كنتَ راكبًا أم قطارًا. قيل للحسن البصري: سبقنا القوم على خيلٍ دُهمٍ ونحن على حمر معقرة! فقال: إن كنتَ على طريقهم فما أسرع اللحاق بهم. (الفوائد ص٤٣)
 وقولك﴿اهْدِنَا﴾ أي وفّقنا للهداية - وَالْهِدَايَة هِيَ الْعلم بِالْحَقِّ مَعَ قَصده وإيثاره على غَيره- فالمهتدي هُوَ الْعَامِلُ بِالْحَقِّ المريدُ لَهُ، والعَبْدُ مُحْتَاج إلى معرفَة الْحقِّ الَّذِي يُرضي اللهَ ربه جلَّ وعلا فِي كلِّ حَرَكَة ظاهرةٍ وباطنةٍ فَإِذا عرفهَ؛ فَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى من يلهمه قصد الْحقِّ وإِرَادَته فِي قلبه ثمَّ إِلَى من يقدّره على فعله وَمَعْلُوم أن مَا يجهله العَبْد أضعاف أضعاف مَا يُعلمهُ وَأنَّ كلَّ مَا يعلم أنَّه حقٌّ لَا تطاوعه نَفسه على إرادته وَلَو أراده لعجز عَن كثير مِنْهُ فَهُوَ مُضْطَر كل وَقت إِلَى هِدَايَة تتَعَلَّق بالماضي وبالحال والمستقبلِ.

 وَالْهِدَايَة أرْبَعُ مَرَاتِبَ كلّها في الْقُرْآن:
 الْمرتبَة الأولى- الْهِدَايَة الْعَامَّة وَهِي هِدَايَة كل مَخْلُوق من الْحَيَوَان والآدمي لمصالحه الَّتِي بهَا قَامَ امْرَهْ قَالَ الله تَعَالَى﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (٣)﴾ وقال: ﴿قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾
الْمرتبَة الثَّانِيَة- هِدَايَة الْبَيَان وَالدّلَالَة وهي الَّتِي أَقَام اللهَ بهَا حجَّته على عباده وَهَذِه لَا تَسْتَلْزِم الاهتداء التَّام قَالَ تَعَالَى ﴿ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ يَعْنِي بَينَّا لَهُم ودللناهم وعرَّفناهم، فآثروا الضَّلَالَة والعمى وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ ﴾
المرتبة الثالثة-هداية التَّوْفِيق والإلهام قَالَ الله تَعَالَى:﴿ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ فَعمَّ بالدَّعوة خلقَه وَخصَّ بالهداية من شَاءَ مِنْهُم قَالَ تَعَالَى:﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ مَعَ قَوْله: ﴿  وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ فَأثْبتَ هِدَايَة الدَّعْوَة وَالْبَيَان وَنفي هِدَايَة التَّوْفِيق والإلهام.
الْمرتبَة الرَّابِعَة- الْهِدَايَة فِي الآخرة إِلَى طَرِيق الْجنَّة وَالنَّار قَالَ تَعَالَى: ﴿ احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ وأما قَول أهل الْجنَّة  ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ﴾ فَيحْتَمل أن يَكُونُوا أرادوا الْهِدَايَة إِلَى طَرِيق الْجنَّة وَأَن يَكُونُوا أرادوا الْهِدَايَة فِي الدُّنْيَا الَّتِي أوصلتهم إِلَى دَار النَّعيم وَلَو قيل إِن كلا الْأَمريْنِ مُرَاد لَهُم وأنهم حمدوا الله على هدايته لَهُم فِي الدُّنْيَا وهدايتهم إِلَى طَرِيق الْجنَّة كَانَ أحسن وأبلغ. والمسلم يقصد بقوله ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾: دلَّني على الحقِّ أو دلَّني على ما بهِ يصلحُ أمري، ثمَّ قدِّرني على العملِ، ثمَّ يومَ القيامة دلَّني على طريق الجنَّةِ.
قال سليمان -عليه السلام-: ﴿رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ﴾
وقال العبد الصالح: ﴿ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾.


  أبوعبد الرَّحْمَنِ شعبان الهلالي ❖❖❖
 
أرسل الفوائد
 █ 

الثلاثاء، 2 سبتمبر 2014

الشيخ أبوحمزة سمير عبد الرزاق مراد




الشيخ أبو حمزة سمير مراد
 

لم يكن الشيخ ممن أحب أن أدرس عنده وذلك لأنه كان بينه وبين بعض المشايخ الذين كنت ألازمهم ما يكون في كثير من الأحيان بين طلبة العلم؛لكن وبعد أن تركت البيت الذي كان يجمعني ببعض طلبة العلم من العراق لأمر لعلي أذكره قريبا انتقلت إلى مشتلة بمنطقة القويسمة بالعاصمة عمان حيث كان يسكن أحد الطلبة الجزائريين واسمه محمد، وكان محمد من الذين يلازمون الشيخ سمير وأذكر أنه كان يقرأ عليه كتاب "مختصر أبي شجاع" في الفقه الشافعي ......
 وبداية معرفتي بالشيخ أني حضرت له درسا يشرح فيه كتاب الموطأ فقال الطالب الذي يقرأ الكتاب على الشيخ:قال محمد،فسأل الشيخ من محمد هذا؟ فسكت الطلبة، فقلت من غير استئذان ولارفع يد: هو محمد ابن الحسن الشيباني تلميذ مالك وصاحب أبي حنيفة وتلميذه، وكانت عادة الطلبة معه أنهم يرفعون أيديهم إذا أراد أحدهم أن يجيب وكنت أجهلها
 فقال الشيخ: "اللي بدّوا يتشاطر يرفع إيدوا" فأخبره الطلبة أني غريب وجئت لطلب العلم فاعتذر الشيخ وقال كلاما طيّبا ولا أذكر كيف اتفقت مع الشيخ على تدريسى نظم العمريطي للآجرومية فقرأت عليه نظم العمريطي في بيته المتواضع وكان الشيخ كريما سخيا مقدرا لطلبة العلم  
وقد عاهدت نفسي ألاّ أذكر شيخا درّسني واستفدت منه بشيء يشينه وما كان عندي من كلام أو نصح فقد قلته للشيخ في وجهه. غفر الله لي وللشيخ وجزاه عني كل خير.

الشيخ عبد الرحمان حفصي






الشيخ عبد الرحمان حفصي




وأنا في مدينة أولف التقيت بالشَّيخ الأديب عبدالرحمان حفصي حفظه الله تعالى...... والشيخ حفظه الله لم يكن ممن يسهُل على الطالب أن يقنعه بتدريسه وبعد جهد قبل الشيخ أن  يدرِّسني.  لامية الأفعال في الصرف  لابن مالك -رحمه الله تعالى- لكني رحلت قبل أن أكملها عليه فجزاه الله خيرا.
ونصيحتي لكل أخ يطلع على كلامي هذا وكان مهتما بطلب العلم أن  يزور الشيخ -حفظه الله تعالى- ويسمع منه بعض ماقال،أوبعض ماكتب لعل الله ينفعه به.